أركان الإيمان

أركان الإيمان

مقدمة: أركان الإيمان

الإيمان هو الركيزة الأساسية التي يقوم عليها الدين الإسلامي، وهو الأساس الذي ينبني عليه صلاح الإنسان في الدنيا والآخرة. وقد سُمِّي المؤمن مؤمنًا لأنه يصدّق بقلبه، ويذعن بجوارحه، ويُظهر هذا الإيمان في سلوكه وأقواله.

وقد بيّن النبي محمد ﷺ حقيقة الإيمان في حديث جبريل المشهور، حين جاءه يسأله عن الإسلام، والإيمان، والإحسان. قال رسول الله ﷺ:

"أن تؤمن بالله، وملائكته، وكتبه، ورسله، واليوم الآخر، وتؤمن بالقدر خيره وشره"
[رواه مسلم]

أهمية أركان الإيمان:

  • ترسم للإنسان المسلم تصوره الكامل عن الله والكون والخلق والمصير.
  • تغرس في النفس الثقة والطمأنينة بأن كل شيء بقضاء الله وقدره.
  • تحفّز على العمل الصالح ومحاسبة النفس والإحسان إلى الغير.
  • تعلمنا الاتزان في الفرح والحزن، والرضا بالقضاء، واليقين بلقاء الله.

الإيمان يزيد وينقص:

الإيمان في عقيدة أهل السنة والجماعة يزيد بالطاعة وينقص بالمعصية. لذلك فالمؤمن يسعى دائمًا لتجديد إيمانه بقراءة القرآن، والتفكر في خلق الله، ومجاهدة نفسه على الطاعة.

أركان الإيمان والغيب:

جميع أركان الإيمان تتعلق بأمور غيبية لا تدركها الحواس، وهذا يميّز المؤمن عن غيره؛ إذ إن المؤمن لا يربط إيمانه فقط بالمحسوس، بل يتجاوز ذلك إلى التصديق بالغيب الذي أخبر الله ورسوله به.

خاتمة:

من تمسك بهذه الأركان، وآمن بها إيمانًا راسخًا، وسعى لترجمتها إلى عمل وسلوك، نال رضا الله عز وجل في الدنيا والآخرة، وكان من أهل الجنة.

١ - الإيمان بالله

هو الإقرار بوجود الله ووحدانيته وربوبيته وأسمائه وصفاته، بلا تشبيه ولا تعطيل.

يشمل:

  • الإيمان بأنه الخالق، الرازق، المدبر
  • الإيمان بأنه المستحق وحده للعبادة
  • الإيمان بأسمائه وصفاته كما جاءت في الكتاب والسنة

الإيمان بالله هو أصل كل الإيمان، ومنه تنبع بقية الأركان.

التعريف:

هو الإقرار الجازم بوجود الله تعالى، وتوحيده في ربوبيته وألوهيته وأسمائه وصفاته، مع الخضوع له والامتثال لأمره.

أنواع التوحيد:

  • توحيد الربوبية: الإيمان بأن الله هو الخالق، الرازق، المحيي، المميت، المدبر لأمر الكون.
  • توحيد الألوهية: إفراد الله بالعبادة وحده لا شريك له.
  • توحيد الأسماء والصفات: إثبات ما أثبته الله لنفسه من الأسماء والصفات دون تحريف ولا تعطيل ولا تمثيل ولا تشبيه.

أدلة من القرآن:

قال تعالى: ﴿قل هو الله أحد ﴾ (الإخلاص: 1)

وقال تعالى: ﴿الله لا إله إلا هو الحي القيوم﴾ (البقرة: 255)

آثار الإيمان بالله:

  • طمأنينة القلب وثقة العبد بربه.
  • الابتعاد عن الشرك بكل صوره.
  • الإخلاص في العبادة والعمل لله وحده.
  • الاتزان النفسي والسلوكي أمام الابتلاءات.

أخطاء شائعة يجب الحذر منها:

  • الوقوع في الشرك الأكبر: كدعاء غير الله أو الاستعانة بالأموات.
  • الشرك الأصغر: كالرياء أو الحلف بغير الله.
  • الاعتراض على قدر الله، وهو نقص في الإيمان بألوهيته.

تطبيق عملي:

يجب على المسلم أن يُجدد إيمانه بالله دائماً، من خلال تدبر أسمائه وصفاته، واستحضار عظمته في الصلاة، والدعاء، وفي النظر في خلقه، قال تعالى: ﴿إن في خلق السماوات والأرض واختلاف الليل والنهار لآيات لأولي الألباب﴾ (آل عمران: 190).

٢ - الإيمان بالملائكة

هو التصديق الجازم بوجودهم، وأنهم خلق من نور لا يعصون الله ما أمرهم.

من وظائفهم:

  • جبريل: موكل بالوحي
  • ميكائيل: موكل بالمطر والنبات
  • ملك الموت: قبض الأرواح
  • رقيب وعتيد: كتابة الأعمال

الإيمان بالملائكة يُعلّم المسلم الانضباط والخشية، لأنه يعلم أن عليه رقباء.

التعريف:

هو التصديق الجازم بوجود الملائكة، وأنهم عباد مكرمون خلقهم الله من نور، لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يُؤمرون.

صفات الملائكة:

  • لا يأكلون ولا يشربون، ولا يملّون من عبادة الله.
  • عددهم كثير لا يعلمه إلا الله.
  • لهم أجنحة، كما في قول الله: ﴿جاعل الملائكة رسلاً أولي أجنحة﴾ (فاطر: 1).

أشهر الملائكة ووظائفهم:

  • جبريل عليه السلام: موكل بالوحي.
  • ميكائيل عليه السلام: موكل بالأمطار والنبات.
  • إسرافيل: موكل بالنفخ في الصور.
  • ملك الموت: موكل بقبض الأرواح.
  • رقيب وعتيد: يكتبان أعمال الإنسان.
  • منكر ونكير: يسألان الميت في قبره.

أثر الإيمان بالملائكة:

  • يقوّي مراقبة الله في القلب، لأن أعمال الإنسان مراقبة ومكتوبة.
  • يدفع إلى الطاعة والبعد عن المعصية.
  • يثبّت الإيمان بالغيب ويزيده.

٣ - الإيمان بالكتب

هو الإيمان بأن الله أنزل كتباً لهداية الناس، منها ما سُمي لنا ومنها ما لم نعرفه.

منها:

  • القرآن الكريم (معجزة خالدة)
  • الإنجيل (أنزل على عيسى)
  • التوراة (أنزل على موسى)
  • الزبور (أنزل على داوود)
  • صحف إبراهيم وموسى

نؤمن بها جميعاً، وأن القرآن ناسخ لما قبله، ومحفوظ من التحريف.

٣ - الإيمان بالكتب

التعريف:

هو التصديق بأن الله أنزل كتبًا على أنبيائه فيها الهدى والنور لهداية البشرية.

الكتب السماوية:

  • القرآن الكريم - أنزل على محمد ﷺ
  • الإنجيل - أنزل على عيسى عليه السلام
  • التوراة - أنزل على موسى عليه السلام
  • الزبور - أنزل على داوود عليه السلام
  • صحف إبراهيم وموسى

الإيمان بالكتب يشمل:

  • الإيمان بأنها من عند الله.
  • الإيمان بما علمنا من أسمائها.
  • الإيمان بما فيها من الحق وقت نزولها.
  • أن القرآن هو خاتم الكتب ومهيمن عليها ومحفوظ من التحريف.

أثر الإيمان بالكتب:

  • تعظيم كلام الله تعالى.
  • الالتزام بأوامر القرآن ونواهيه.
  • الإيمان بالرسل الذين أنزلت عليهم.

٤ - الإيمان بالرسل

هو التصديق بأن الله أرسل رسلاً إلى خلقه، لهدايتهم إلى الحق، وهم بشر اصطفاهم الله.

من صفاتهم:

  • الصـدق
  • الأمانـة
  • البلاغ المبين
  • العصمة عن الكبائر

أعظمهم محمد ﷺ، خاتم الأنبياء والمرسلين، ورسالته عامة للعالمين.

التعريف:

هو التصديق الجازم بأن الله أرسل إلى خلقه رسلاً، يدعونهم إلى توحيده وطاعته، وأنهم بشر لا يملكون من الأمر شيئًا إلا بإذن الله.

خصائص الرسل:

  • أُوتوا المعجزات الدالة على صدقهم.
  • بلغوا رسالات الله كاملة.
  • كانوا قدوة في الأخلاق والتقوى.

أسماء بعض الرسل:

  • نوح عليه السلام - أول رسول إلى أهل الأرض.
  • إبراهيم عليه السلام - أبو الأنبياء.
  • موسى عليه السلام - كليم الله.
  • عيسى عليه السلام - روح من الله.
  • محمد ﷺ - خاتم النبيين، رسالته عامة للناس.

أثر الإيمان بالرسل:

  • الاقتداء بهم في الصبر والدعوة.
  • محبة النبي ﷺ واتباعه.
  • تصديق ما جاؤوا به من الشرائع.

٥ - الإيمان باليوم الآخر

هو التصديق بكل ما أخبر الله به مما يكون بعد الموت، من البعث، والحساب، والجنة والنار.

مراحله:

  • القبر وما فيه من نعيم أو عذاب
  • النفخ في الصور
  • القيامة والحساب
  • الميزان والصراط
  • الخلود في الجنة أو النار

من آمن بذلك، أصلح عمله، وتهيّأ للقاء ربه.

التعريف:

هو التصديق بكل ما أخبر الله به ورسوله مما يقع بعد الموت، من فتنة القبر، والبعث، والحساب، والجنة والنار.

أهم المواقف في اليوم الآخر:

  • عذاب ونعيم القبر
  • النفخ في الصور والبعث
  • الحشر والشفاعة والحساب
  • الميزان، الصحف، الصراط
  • الجنة دار النعيم، والنار دار الجحيم

أثر الإيمان باليوم الآخر:

  • يزرع الخوف من الله والرجاء في رحمته.
  • يدفع الإنسان للعمل الصالح والبعد عن الظلم.
  • يذكّر بعدم الاغترار بالدنيا الزائلة.

٦ - الإيمان بالقدر خيره وشره

هو التصديق الجازم بأن كل ما يقع من خير أو شر هو بتقدير الله وعلمه ومشيئته.

مراتبه:

  • العلم: الله يعلم كل شيء
  • الكتابة: كُتب كل شيء في اللوح المحفوظ
  • المشيئة: ما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن
  • الخلق: الله خالق كل شيء

الإيمان بالقدر يمنح المسلم راحة النفس والرضا بالقضاء.

التعريف:

هو الإيمان بأن كل ما يجري في الكون من خير وشر هو بقضاء الله وقدره، وداخل في علمه ومشيئته.

مراتب القدر الأربع:

  • العلم: الله يعلم كل شيء قبل أن يكون.
  • الكتابة: كُتب كل شيء في اللوح المحفوظ.
  • المشيئة: ما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن.
  • الخلق: الله خالق كل شيء بما فيه أعمال العباد.

أثر الإيمان بالقدر:

  • الرضا بالقضاء والصبر على المصائب.
  • عدم التكبر عند النعم.
  • العمل بالأسباب مع التوكل.

قال النبي ﷺ:

واعلم أن ما أخطأك لم يكن ليصيبك، وما أصابك لم يكن ليخطئك
المقال التالي المقال السابق